بمناسبة نجاحه ونيله شهادة البكالوريا من دلخل السجن المحلي سلا2، بعث المُعتقل السياسي الصحراوي بنكة الشيخ عضو مجموعة مُعتقلي أكديم إزيك برسالة إلى كل الطلبة الصحراويين المتفوقين في نفس المُستوى ومن خلالهم إلى كافة أفراد الشعب الصحراوي، وفيما يلي النص الكامل للرسالة كما توصلتْ بها جمعية أولياء المُعتقلين والمفقودين الصحراويين اليوم الجمعة 10 أغسطس 2012.
رسالة الطالب والمعتقل السياسي الصحراوي الشيخ الكوري بزيد بنكة الحائز على شهادة الباكالوريا من داخل السجن المحلي سلا2
أيها الحضور الكريم، تحية نضالية بلا حدود؛
أكاتبكم من عتمة هذا الظلام الموحش، من ردهات سجن سلا2 القاتم من أجل التأريخ لهذه اللحظة التي نقف فيها معاً لنحيي كل الطلبة الحاصلين على شهادة الباكالوريا، و قد شاءت الأقدار أن أكون بينهم هذه السنة بعدما حصلتُ عليها من السجن المحلي بسلا حيث أقضي عقوبة المنع من الحرية.
رفاقي الطلبة، رفيقاتي الطالبات، أيها الحضور، لقد ظل إيماننا الراسخ بعدالة قضيتنا والمكانة الرفيعة التي يتبوؤها شهداؤنا البررة في نفوسنا كما في المخيال الجماعي لشعبنا منارة هدي تلهمنا في كل لحظة بأسباب التباس السبيل الأمثل لخدمة أهداف شعبنا في الحرية والاستقلال؛ ولإن سارع العدو المحتل لابتكار أساليب شتى للنيل من صمودنا وشل عزيمتنا ونحن أحراراً بتطويقنا بجيوش مُخبريه والتضييق على حركاتنا وسكناتنا ومُحاولة النيل من كل ما ابتكرته الجماهير الصحراوية الخلاقة من أشكال المقاومة لن يكون آخرها مخيم أكديم إزيك، إلا أن روح الإبداع والمقاومة تظل لصيقة بالذات الوطنية الصحراوية لتخلق من أجواء الحصار وخنق الحريات أجواءً داعمة للاستبسال، مقومة للانحراف وشاحذة للعزم والأمل في النفوس، وليس أفضل في التحدي من انتزاع ونيل شهادة الباكالوريا من داخل دهاليز السجن.
إن هذا النجاح الذي تؤطره إرادة حُرة وصلبة تعكس ميدانياً فلسفة الكفاح الوطني المبنية على أسس الفكر الخلاق والعزيمة المتقدة هو ثمرة طموح جامح يتحلى به كل صحراوي تواق للحرية، وهو قهر لقهر السجان ولظلمة الزنازن، فإذا كان الاعتقال عملية ممنهجة ترمي إلى حصر المناضل وتقيده بين أربعة جدران وبالتالي تجميد أي اتصال مادي أو ملموس بينه وبين العالم لكي يصير غير فاعل ولا مؤثر في ساحات الفعل، فإن هذا النجاح المنتزع من رحم هذه الآلام والمُعاناة هو اعتقال للاعتقال نفسه وإصابة في المقتل لكل سياسات العدو المغربي القمعية.
أيها الحضور الكريم، رفيقاتي الطالبات رفاقي الطلبة، هكذا وبعد مسلسل تسويف ومماطلة امتد لسنتين دون محاكمة ولا إخلاء سبيل نتجرأ في تحد على تحويل زمن السجن من زمن ضائع يتيه فيه السجين بين أزمنة الانتظار متى ينام؟ متى يستيقظ؟ متى تأتيه الزيارة؟ متى يُحاكم؟ بكم سيُحاكم؟ متى؟ متى؟ متى؟؟؟...إلخ؛ إلى زمن التحصيل والمردود النافع لتستحيل المأساة إلى أفراح وتذوب كل الانتظارات في متعة الانتشاء بالنجاح، وبتحويل السجن إلى مدرسة لصقل المنتوج النضالي الوطني وبلورته من خلال عدم اقتصاره فقط على البعد الكفاحي المتمثل في الاضرابات عن الطعام والمرافعات في المحاكم ومواجهة الاستنطاقات، ولكن يمتد إلى البعد الاشعاعي من خلال التكوين والبناء وإحياء العامل الذاتي عبر التسلح أداة العلم والمعرفة، لأن معركة التحرير وبناء الدولة تساق بالفكر والانتاج، وقدوتنا في هذا الطرح الشهيد الولي المصطفى السيد الأسطورة، الظاهرة، المنظر والقائد المتبصر الفذ ورفاقه مؤسسي المشروع الوطني.
إننا لم نصنع من العجائب أو التحديات إلا ما تعلمناه من شعبنا العظيم وجماهيرنا الخلاقة المكافحة من هناك من ميدان التحرير العربي الأول أكديم إزيك أو هنا من سجن سلا البئيس.
وإننا نعاهدكم أننا لن نحيد عن خط ثورتنا المجيدة ثورة العشرين ماي حتى فرض اختيارات شعبنا في الحرية والاستقلال التام، فبإسمي ونيابة عن الرفاق مُعتقلي أكديم إزيك، هذه تهانينا الحارة للمتفوقين الحاصلين على شهادة الباكالوريا من أبناء شعبنا المكافح.
أرجوا أن تهتفوا معي جميعا "نعم للحرية، نعم للاستقلال الوطني، نعم لاطلاق سراح جميع المُعتقلين السياسيين الصحراويين.. عاشت الصحراء حرة أبية، عاشت الجبهة الشعبية، عاش الكفاح الوطني".
لا تحزني يا أمي إن مُتّ في قص الشباب غداً سأحرض أهل القبور وأشعلها ثورة من تحت التراب