دعتْ أمهاتُ المعتقلين السياسيين
الصحراويين مجموعة أكديم إيزيك، في نداء وجهنه إلى الجماهير الصحراوية وكل
المُتضامنين مع نضالات الشعب الصحراوي، للاستمرار في التعبئة والتجند من أجل التضامن
من جديد مع المجموعة قبل وأثناء المُحاكمة العسكرية التي حددت الدولة المغربية موعداً
لها يوم الثامن فبراير 2013؛ وفيما يلي النص الكامل للنداء كما توصلت به جمعية
أولياء المُعتقلين والمفقودين الصحراويين:
صرخة أمهات المعتقلين السياسيين
الصحراويين مجموعة أكديم إزيك
يا إخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين منحدرين في
نهاية المساء، معلق أنا على مشانق الصباح وجبهتي بالموت محنية لأني لم أحنيها..
حية.
إلى جماهير شعبنا الباسلة..
إلى الشرفاء والأحرار عبر العالم..
إلى كل القلوب التي تحن وتقدس الحياة
الإنسانية.. إلى الإنسانية جمعاء..
سلام الله عليكم جميعاً.. إسمحوا لنا
أن نـُكاتبكم نحن أمهات 24 معتقلاً صحراوياً مجموعة أكديم إيزيك، لندغدغ فيكم تلك
المشاعر الإنسانية النبيلة.. مشاعر النبل والوفاء والتآزر والتضامن والتآخي
والحمية، نـُكابتكم بقلوب اجتاحها الألم وحناجر تحترق غصة وأعين هجرتها الدموع واستوطنتها
الدماء النازفة، وبكبد مزقه الفراق وأدماه الشوق.. كيف لا وفلذاته طوقها جند
التتار بمفصلة القصاص الظالم وتنصب لها أبواق المخزن وأزلامه مشانقا مع كل صباح
يوم جديد.. إنهم أبناؤنا.. عصارة دمنا وخلاصة عمرنا وبريق أعيننا ونغمة قلوبنا
النابضة، زمرة من رجالات هذا الوطن الصحراوي ساقتهم الأقدار تلبية لنداء الشرف
والكرامة فهبوا منافحين عن عزة الوطن وشموخه بعدما اصطفوا وتلاحموا، سهروا، نظموا،
أطروا، صبروا، قاوموا وحاوروا وصمدوا وكتبوا في مُجلد التاريخ الضخم صفحات مجد
وبطولة باسم الشعب الصحراوي الحضاري والمُسالم.. لقد كانوا بفعلهم هذا يُوقدون على
صفيح ساخن ما سيُعرف بعد ذلك بشعلة الربيع العربي، وبعد شهر من الاستبسال
والمكابرة اخترقت ذات الثامن من نونبر 2010 صرخة مدوية من حنجرة طفل صغير كبد
السماء معلنة اجتياح العسكر المُدجج بأعتى وسائل الدمار والقتل لمخيم الإستقلال بأكديم
إيزيك، الذي آوى آلاف المدنين العزل من كل الأعمار مُدججين بسلاح الإرادة وقوة الإيمان
وساندين ظهورهم على لطف الله ورحمته في مشهد أبكى نسمات فجر ذلك اليوم البئيس الذي
كان شاهداً على حجم الدمار وهول الفاجعة.. دماءٌ سُفكت هدرا بغير وجه حق وأجسادٌ
بشريةٌ هنا وهناك رسمت عليها آلة الموت المغربية أبشع صور الفظاعة، قتل من قتل من
أبناء شعبنا الأعزل وجرح من جرح واقتديت البقية إلى زنازن الوحشية ودهاليز الموت
البطيء ولسان حالها يُردد: "لقد سفكت في أرضنا
الدماء.. نموت نموت ويحيا الوطن"؛ إنهم أبناؤنا.. لون الحياة
وبسمتها أملنا وطموحنا واللحن العذب الذي تعزفه شهقاتنا والشعر الذي تنشده قريحتنا،
هؤلاء البررة الذين اقترفوا جُرم الرأي والتعبير في أعين الرباط، تلبسهم عباءة
الإجرام والشيطنة بينما هم نيازك أضاءت وعي شعوب عديدة فسارت على هديهم واستحقوا
تقديرها واحترامها، هم اليوم يمثلون أمام محكمة العسكر تـُطوقهم الأسلحة من كل
جانب وتـُحاصرهم العساكر بكل ما امتلكت أفئدتها من حقد وكراهية، وينتظرهم مصيرٌ
مجهول تقفذه تـُهمٌ مفبركة غليظة وفضفاضة ويتصدى له ظلمُ وجورُ قضاة يشتغلون
بالهواتف يحكمون بالتعليمات.. يا لها من مأساة تجعلنا نملأ الدنيا نحباً من شدة
الألم والوجع ومرارة فراق أبنائنا الذين تترصد بهم مشانق المغرب من أجل إعدامهم.. فيا
أيتها الإنسانية.. بالله عليك انصفينا، أنقذي ثمرة عمرنا من مخالب الموت، ما الذنب
الذي اقترفوه ليُهددوا بالقتل، ليُسجنوا، ليُعذبوا، ليُنكل بهم...؟؟؛ ومتى صارتْ
حرية الرأي والتعبير تأشيرة إلى الإعدام؟؟؛ آه.. وآه!! إنها الآلام تعتصر القلب وتـُدميه،
جفتْ مدامعنا من شدة البكاء وافتقدنا طعم الحياة التي اتشحت بالسواد القاتم حزناً
وفجعاً، إن السماء تبكي والأرضُ تبكي تبا لك يا فرحاً تأتي في غياب الأحبة؛ كم هي
مُفجعة مُوجعة رؤية ظلام الاحتلال يبتلع أبناءنا قلوبنا التي تمشي على الأرض،
لطالما تغنتْ ألسنتهم بقول الشاعر: "لاتحزني يا
أمي إن مُتّ في غص الشباب.. غدا سأحرص أهل القبور.. واشعلوها ثورة من تحت التراب".
وكأنهم كانوا يُدركون مصائرهم
ويستقبلون قدرهم بكل ثبات وكبرياء وأنفة، وبكل صمود وشجاعة ورسوخ.. لكن لا وألف لا..
لن ندعكم تـُقتلون وسنصرخ ملأ حناجرنا ونبكي الدمَ ونقول لا.. ولا.. ولا.. وألف لا؛
أنتم شبابنا أنتم قلوبنا أنتم فلذات أكبادنا، لن نتحمل هذا الظلم.
يا أيها العالم.. يا أيتها الإنسانية
نستصرخكم نستنجد بكم، أنقذونا.. أنقذونا.. أنقذوا أبناءنا، إنهم مُناضلون شرفاء
ليسوا مجرمين، المجرم هو النظام المغربي هو من قتـّل ودمر واعتقل وشرّد وقنبل، وكان
بنيته إبادة شعبنا، هو من يحتل أرضنا... كفى هدراً لدمائنا، أوقفوا هاته المذبحة؛ إن
سكوت العالم وصمة عار على جبين الإنسانية.
ويا جماهير شعبنا المكافح هذا عهد
الزغرودة والشعار بيننا وبينكم، هُبّوا مناجدين.. رفاقكم وأبناءكم وإخوانكم على
حافة الموت حاملين في قلوبهم حلمنا الأبدي في الحرية والإستقلال، ولا ينتظرون منكم
الدموع بل ينتظرون الدماء التي ستسيل وستسقي ربوع وطننا لتنموا زهرة الحرية
وتقطفها الأجيال القادمة.
و"للحرية الحمراء باب لكل يد
مدرجة بالدماء يدق".
عن أمهات
المعتقلين السياسيين الصحراويين مجموعة أكديم إيزيك