قال تعالى: <<
كل نفس ذائقـة الموت >>.
وقال عز وجل:
<< يا أيتها النفس المُطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية
فادخلي في عبادي وادخلي جنتي >> صدق الله العظيم.
ببالغ الحزن
والأسى تلقتْ جمعية أولياء المُعتقلين والمفقودين الصحراويين (AFAPREDESA) اليوم الأحد الموافق
لـ 22 ديسمبر 2013، نبأ وفاة المُناضل الصحراوي/ الأخ لَحْسَنْ مُثيق ولد
الفاضل ولد أهل بوكرين، على إثر مرض عضال ألم به لم ينفع معه دواء.
عُرف الفقيد طيلة
حياته ـ رحمه الله ـ بنضاله الحُقوقي، خاصة فيما يتعلق منه بقضية الصحراء الغربية،
وهو من الرعيل الأول من الصحراويين الذين انخرطوا في ريعان شبابهم في النضال من
أجل القضية الوطنية والتعريف بها والدفاع عنها في عمق المغرب، وخصوصاً في الجامعات،
الشيء الذي دفع في مُقابله خمس (05) سنوات من عمره رهن الإعتقال (من سنة 1977 إلى
1982) قضاها كمُعتقل سياسي في سجون المُحتل المغربي ضمن المجموعة التي عُرفتْ
آنذاك بـ "مجموعة مكناس" أو مجموعة الـ 26، التي كانت أول مجموعة يتم تقديمها
من الصحراويين أمام محاكم النظام المغربي لانتمائهم إلى الجبهة الشعبية لتحرير الساقية
الحمراء و وادي الذهب.
وبعد تعرضه ـ
رحمه الله ـ مع رفقائه لشتى أنواع التعذيب، التي كانت له منها حصة الأسد داخل المعتقل
السري السيء الذكر "درب مولاي الشريف"، نـُقل معهم إلى السجن المدني بمكناس،
وبمعيتهم رفقاء مغاربة شكلوا واجهة نضالية ضد النظام المغربي وزبانيته وسطروا ملاحم
بطولية في النضال معاً ضد عدوهم المشترك وهم وراء القضبان، مُتقاسمين الحُلو والمُر
في "معارك الأمعاء الخاوية" ضمن جبهة واحدة وصف متراص دفاعاً عن كرامة المعتقل
السياسي وقضاياهم العادلة.
وبعد قضائه رفقة
زملائه الصحراويين ثلاث سنوات وراء القضبان بدون محاكمة، حيث أصبح السجن في مكناس قبلة
للأحرار، عمد النظام المغربي إلى إطلاق سراح جميع المغاربة الذين كانوا معهم في
المُعتقل ولم يُبق إلا على أربعة منهم برفقتهم، ليتم توزيعهم على أربعة سجُون في مُدن:
الرباط، أكادير، مراكش وسطات، أين تمتْ محاكمة كل مجموعة على حدا.
ورغم أن محاكمات
المجموعات الأربعة بتاريخ ماي 1980 كانت صورية ولا تتوفر فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة،
إلا أن الفقيد ورفاقه قد تمكنوا من الدفاع عن قضيتهم العادلة، مُؤكدين أن الجبهة الشعبية
لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب هي ممثل الشعب الصحراوي الوحيد والأوحد، وأنهم
متمسكون بأهداف شعبهم التواق إلى الحرية والاستقلال، مُدينين بشدة "اتفاقية مدريد"
المشؤومة والغزو المغربي للصحراء الغربية، وملفتين انتباه الرأي العام العالمي إلى
أن مئات من المُعتقلين الصحراويين مجهولي المصير في الأقبية السرية للنظام المغربي.
وبعد أن قضى خمس
سنوات من الاعتقال لم يُثنيه ذلك عن متابعة دراسته والحصول على شهادات عليا، حيث
تحصل على شهادة الدكتوراه في الرياضيات، وشغل منصب أستاذ بالمعهد العالي للإحصائيات
بالرباط، وقد حظي باحترام كبير من الطلبة ومن زملائه في العمل، فضلاً عن سيرته
التي خلفها باعتباره كان ـ رحمه الله ـ نموذجاً للمناضل المُثقف الملتزم الذي آمن بعدالة
فضية شعبه ونهل من مبادئها حتى الثمالة.
ولم يكن الوحيد
رحمه الله في عائلته الذي عانى البطش والإعتقال، بل إن مُعظم أفراد العائلة لقوا
نفس المصير، حيث تم اعتقالهم والتنكيل بهم في غياهب السجون والمُعتقلات السرية للمُحتل
المغربي مند السنوات الأولى لاجتياحه للصحراء الغربية.
كما كان للفقيد
أيضاً عدة إنجازات في مسيرته النضالية ـ الحُقوقية، من أهمها أنه من مُؤسسي فرع
الصحراء لمُنتدى الحقيقة والإنصاف والمنتدى الإجتماعي المغاربي، حيث كان من
الأوائل الذين سابقوا إلى الانخراط المنتدى الاجتماعي المغاربي، الذي يُشارك فيه
الصحراويون كدينامية اجتماعية صحراوية مُستقلة جنباً إلى جنب مع المغاربة
والجزائريين والموريتانيين والتونسيين والليبيين.
فضلاً عن دوره
البارز في تقريب وجهات النظر بين فعاليات المُجتمع المدني الصحراوي والمغربي في
إطار المُنتديَيْن الإجتماعيّيْن المغاربي والعالمي، خاصة من خلال المُبادرة التي
قدمها رحمه الله وتمتْ المُصادقة عليها بمدينة الجديدة المغربية سنة 2008، تحت
عنوان "مبادرة من أجل السلم في الصحراء الغربية".
وعلى إثر هذا
المُصاب الجلل تتقدم جمعية أولياء المُعتقلين والمفقودين الصحراويين إلى عائلة
الفقيد ومن خلالها إلى كافة أفراد الشعب الصحراوي بأحر التعازي والمُواساة، راجين من
المولى عز وجل أن يتغمدهُ برحمته الواسعة وأن يُسكنه فسيح جناته مع الشهداء
والصديقين، وأن يُلهم أهله وذويه جميل الصبر والسلوان؛
إنا لله وإنا
إليه راجعون.