وجهت الجمعية
الصحراوية لضحايا الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف الدولة
المغربية مذكرة إلى كافة المنظمات والهيئات الحقوقية، ومنها المجلس الوطني لحقوق
الإنسان بالمغرب، وذلك بتاريخ الـ 11 من يناير 2013؛ وفيما يلي النص الكامل
للمذكرة كما توصلتْ بها جمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين (AFAPREDESA).
الجمعية
الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف الدولة
المغربية
مذكرة موجهة إلى
كافة المنظمات والهيئات الحقوقية ومنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب
الموضوع: المقاربات
الرسمية وضحايا الماضي وواقع حقوق الانسان بالصحراء الغربية.
ـ مدخل:
لئلا تتكرر المأساة، ومن أجل كسر
جدار الصمت، تأسست منذ سنة 1994 "تمثيلية قدماء المختفين الصحراويين المفرج
عنهم" التي وسعت مهامها سنة 98 من خلال "لجنة التنسيق المنتدبة عن
الصحراويين ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي"، وكامتداد لذلك، فقد تم
تشكيل لجنة تحضيرية سنة 2002 لتأسيس جمعية تهتم بالضحايا عموما وبالرغم من
المضايقات والحظر الممارس الذي واكب هذا العمل الحقوقي، النضالي المتواصل، عقدت
"الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف
الدولة المغربية" مؤتمرها العام التأسيسي في السابع من مايو سنة 2005،
تحت شعار: "لا إنصاف بدون حقيقة، ولا مصالحة بدون حل شامل"، كرد
على كل المخططات المنتهجة لإقبار الحقيقة وطي صفحة الماضي دون قراءتها.
فالجمعية الصحراوية، وهي تستمد
شرعيتها من الضحايا، لم تدخر جهدا في العمل على تكريس وتجسيد معاناة الضحايا
وذويهم وتوعيتهم ومساعدتهم من أجل استرداد حقوقهم، وهي تتشبث بمطالبها التي تكفلها
كافة القوانين، اصطدمت بعجرفة السلطات الإدارية المغربية بالإقليم وما وضعته من
عراقيل للحيلولة دون أدائها لواجبها الحقوقي، رغم الأحكام الصادرة لصالح شرعيتها،
من المحاكم الإدارية. وما هذا الحظر الذي يطالها إلا دليل على وجود نية مبيتة لطمس
الحقيقة والاستفراد بالقرارات حول مصائر الضحايا.
ـ تقديم:
استنادا إلى مبادئ ومقتضيات
القانون الدولي الإنساني، وعلى المعايير الدولية المستمدة من تجارب لجان الحقيقة
عبر العالم، كخلفية واضحة ومحددة للتعامل مع أية مقاربة لمعالجة ماضي الانتهاكات
الجسيمة لحقوق الانسان، نسعى إلى تحقيق مطالبنا المشروعة كضحايا والاستجابة
لتطلعاتنا كمجتمع انتهكت حقوقه بالكامل، ونرى أن أية معالجة لهذا الماضي الأليم،
لن تكون ناجعة دون ارتكازها على مبادئ العدل الأساسية لإنصاف ضحايا الإجرام
والتعسف واعتمادها للمواثيق والعهود الخاصة بحقوق الإنسان كمرجعية أساسية في تحديد
لائحة الانتهاكات والتدابير الواجب اتخاذها لمحو آثارها وتصحيح الأوضاع الناجمة عن
تداعياتها بدءً بتسجيل قطيعة مع الأساليب القمعية وذلك باحترام الحقوق الفردية
والجماعية حتى لا يكون الحاضر امتدادا للماضي،.......؟؟
وفي أفق إزالة العراقيل التي
تحول دون تحقيق مطالبنا والاستجابة لتطلعاتنا كضحايا صحراويين وتطلعات الحركة
الحقوقية والمجتمع الدولي ومن أجل المساهمة في خلق مساحة
للحوار، عمدنا إلى تقديم مذكراتنا السابقة لعرض وجهة نظرنا حول معالجة ماضي
الانتهاكات، رغم تحفظاتنا حول هذه المقاربات الأحادية ومضامين التوصيات المحدثة
بموجبها:
ــ المذكرة الأولى موجهة إلى
رئيس هيئة التحكيم المكلفة بالتعويض بتاريخ: 13/11/2000.
ــ المذكرة الثانية موجهة إلى
رئيس هيئة الإنصاف والمصالحة بتاريخ: 05/05/ 2004.
كما أبدينا دائما استعدادنا
للدخول في حوار جدي من أجل التوصل إلى تصور يأخذ بمقترحاتنا وبوجهة نظرنا كضحايا
عن كيفية طي صفحة الماضي الأليم الذي عانينا منه ومن تبعاته، ودون جدوى، لم نلمس
أي إرادة للحوار لدى الهيئتين (هيئة التحكيم وهيئة الإنصاف والمصالحة) اللتين حاولتا
بمنطق واضح فرض الأمر الواقع على الضحايا وذوي الحقوق.
وعليه، فإننا نتقدم من خلال
جمعيتنا، نحن ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتبطة بالصراع السياسي
والنزاع العسكري القائم حول الصحراء الغربية منذ 31 أكتوبر 1975 والمرتكبة
من طرف الدولة المغربية، بهذه المذكرة، والتي تـُعتبر ثالث مذكرة نسعى من خلالها
رصد هذا المسار، وعرض مطالبنا المشروعة والتذكير بها، وتقييم واقع هذه
المقاربات ومدى تأثير تدابيرها على الضحايا من جهة، وعلى واقع حقوق الإنسان بإقليم
الصحراء الغربية من جهة أخرى؛ ونأمل أن تساهم هذه المذكرة في
كشف بعض المغالطات الواردة في التصريحات الفضفاضة للدولة المغربية التي تدعي
طي هذا الملف، كما نأمل أن تساهم في بلورة معالجة حقوقية، حقيقية منصفة وعادلة
لقضية الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وبشكل شمولي بالصحراء الغربية، إذا ما
توفرت فعلا إرادة حقيقية لإعادة النظر في كل المعالجات المجحفة السابقة لهذا
الملف.
ـ المقاربات
الرسمية:
نتيجة الضغوطات الممارسة من طرف
المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي، والتضحيات النضالية التي قدمها الضحايا
وعائلاتهم من أجل المطالبة بحقوقهم، أسست الدولة المغربية سنة 1999 هيئة التحكيم
لتعويض ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي، كما أعلنت سنة 2004 عن تأسيس
هيئة الإنصاف والمصالحة، كمقاربات رسمية أحادية لطي هذا الماضي الأليم لانتهاكات
حقوق الإنسان، بغية التخلص من هذا الإرث الذي أصبح يشكل عائقا لها في علاقتها مع
المجتمع الدولي.
ونسجل الملاحظات التالية:
ــ يأتي تشكيل هذا النوع من
اللجان إذا ما توفرت الإرادة للعبور نحو مرحلة تتوفر فيها ضمانات احترام
حقوق الإنسان عبر عدالة انتقالية، وهي صيغة تعتبر أحد الأسس الرئيسية من المعايير
الدولية التي تتأسس عليها ولاية معظم لجان الحقيقة عبر العالم.. وفي السياق
المغربي، كما بالخصوص في الصحراء الغربية، لا يمكننا الحديث عن عدالة انتقالية ما
لم تنتفي أسباب ومسببات كان من تداعياتها هذا الكم الهائل من الانتهاكات الجسيمة
لحقوق الإنسان، كما لا يمكننا الحديث عن ضمانات احترام الحقوق والحريات في وقت
تتصاعد فيه وتيرة القمع والتعذيب وأشكال التعسف والمنع وتلفيق التهم وتسخير القضاء
لإصدار الأحكام الجائرة.
ــ إن المقاربات الرسمية للدولة
المغربية لا توفر شروط الحد الأدنى للاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة للضحايا
نظرا لعناصر الغموض والالتباس التي تطبعها ولما تحمله من متناقضات وما تستعمله من
تعابير واجتهادات لا تمتد إلى معادلة التفاوض وتقديم المقترحات، كما أن هذه
المقاربات تتجاهل الجريمة ومرتكبيها وتجرم الضحايا ولا تحترم حقوقهم، وإذا كان فشل
المقاربة السابقة مبررا لوجود هذه الأخيرة، فهما لا تختلفان في التعاطي مع مبدأ
المساءلة الذي يشكل حلقة أساسية من حلقات مسلسل معالجة قضية الانتهاكات الجسيمة
لحقوق الإنسان.
ــ لم تلتزم هذه المقاربات بالمبادئ
الأساسية المتعلقة بإنصاف ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولا بمقررات
وتوصيات لجنة حقوق الإنسان الأممية وغيرها من المنظمات الحقوقية الوازنة، والتي
تضمنت من بين أمور أخرى: الكشف عن الحقيقة وتوفير الأدلة لإمكانية اللجوء إلى
العدالة ومعالجة أشكال جبر الضرر، ومنها: التعويض والاسترداد والاستدراك وإعادة
التأهيل والإدماج والعلاج وغيرها، بشكل يرضي الضحايا وذوي الحقوق.
ويبقى غائباً بشكل سافر في
المقاربتين أي تحليل لطبيعة الأحداث التي شهدتها الصحراء الغربية، والتي أسفرت
عنها هذه الوقائع الأليمة، متجاهلة الوضعية القانونية للإقليم والتفسير الحقيقي
لطبيعة الصراع حوله، ولم تتطرق أي من الهيئتين لجرائم ارتكبتها الدولة المغربية،
ومنها: التقتيل الجماعي كدفن الأحياء في مقابر جماعية أو رمي آخرين أحياء من
الطائرات أو قنبلة مخيمات النازحين بأسلحة محظورة كالنابالم والفسفور الأبيض، كما
لم تتحدث أي منهما عن النزوح الجماعي للصحراويين إلى مخيمات اللجوء ومعاناة النساء
والأطفال والمسنين هناك، وكذا جرائم كإحراق الخيام وتسميم الآبار أو تفجيرها،
وإبادة المواشي، والترحيل القسري إلى هوامش المدن، والقضاء على كل أنماط الحياة
التي كان يعيشها الشعب الصحراوي.
ــ1ــ هيئة التحكيم:
ارتكزت هذه المقاربة على اختزال
معالجة ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الاختفاء القسري والاعتقال
التعسفي، دون تحديد دقيق لهذين المفهومين أو تحديد للفئات التي ينطبقان عليها؛ وقد
شكلت صدمة كبيرة للضحايا وعائلاتهم ومناضلي حقوق الإنسان للاعتبارات التالية:
· لم يكشف فعلا عن مصير أي مختف بطريقة مقنعة وتم إغلاق البحث في
ملف المختفين مجهولي المصير، في حين تم إقصاء حالات مئات المختفين الصحراويين
الذين لم يكشف عن مصيرهم.
· اعتبرت هذه المقاربة الضحايا مجرمين مسوا بأمن
الدولة المغربية بينما اعتبرت المسؤولين عن اختفائهم مدافعين عن أمن الدولة، وتمت
التوصية بالعفو عن الجلادين والمتورطين في هذه الانتهاكات والعفو عن الضحايا على
حد سواء، مع أن القوانين الدولية لا تجيز أي عفو في حق مرتكبي جرائم ضد الإنسانية،
كما أن العفو عن ضحايا لم يُحاكموا ولم يُدانوا أمر لا مبرر له في القانون.
· تعويض ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي
من خلال إحداث هيئة للتحكيم مكلفة بالتعويض مع عدم احترام أسس التحكيم المتمثلة في
التراضي والاستقلالية والشفافية، وهو ما تم الإخلال به:
ـ التراضي: تم فرض
توقيع إشهاد بقبول نتائج هذا التحكيم دون توافق مسبق ودون مراعاة للوضع المزري
الذي يعيشه الضحايا، مع استغلاله لتمرير هذه المقاربة وجعل توقيع الإشهاد شرطا
للنظر في ملفاتهم أو علاجهم أو منحهم تعويضا مسبقا لتسوية مشاكلهم المستعجلة.
ـ
الاستقلالية: يتواجد ضمن تشكيلة هذه الهيئة ممثلوا أجهزة متورطة
في هذه الانتهاكات، كوزارة الداخلية بحكم مسؤولياتها عن الاختطاف وإشرافها على عدة
مخابئ سرية ووزارة العدل التي تتحمل أيضا المسؤولية في عدم تحريكها الدعوى
العمومية ضد مرتكبي هذه الانتهاكات.
ـ الشفافية: عدم الكشف
عن المعايير المعتمدة والتعامل بالتمييز وبازدواجية في المعايير مع ملف الضحايا
الصحراويين، بالإضافة إلى عدم أخذ الهيأة بمقترحات الضحايا واحتكارها لتقدير حجم
الأضرار واتخاذ القرار في تقدير التعويض ومنع الضحايا من مناقشة مقرراتها.
ـ خلاصة:
بدل أن تساهم هذه الهيئة بالتعويضات
الهزيلة التي صرفتها في التخفيف من شدة معاناة الضحايا وذوي الحقوق، فإنها ولدت
إحساسا عميقا بالغبن والإجحاف والتمييز بالنسبة لنا كضحايا صحراويين، باعتماد
معايير غير متساوية وتكريس التمييز، مقارنة مع ضحايا بالمغرب، حيث تم ولأسباب
سياسية تحجيم معاناة الضحايا الصحراويين الذين عانوا لفترات طويلة بالمخابئ السرية
المغربية، كما عانوا من نفس الظروف أو أكثر من التي عانى منها سجناء تلقوا تعويضات
أكثر من ضعفي ما منح للضحايا الصحراويين.. كما تم تعويض أصولهم: الأب، الأم،
الأخوات والإخوة أو الزوجة والأبناء، كضحايا غير مباشرين، في حين تم إقصاء
العائلات الصحراوية من الاستفادة من نفس المعيار.. وقد سبق
لمنظمة العفو الدولية أن نددت بهذا التمييز في تقريرها المقدم للجنة حقوق الإنسان
الأممية في نونبر 2003، حيث أبرزت الإجحاف الذي لحق الضحايا الصحراويين، وطالبت
بخلق آلية للطعن لإعادة النظر في هذه المقررات المجحفة.
ــ 2 ــ هيئة الإنصاف
والمصالحة:
إن هيئة الإنصاف والمصالحة
كمقاربة رسمية أحادية لمعالجة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب لا
ترقى إلى مستوى المعالجة الحقوقية المستمدة معاييرها من التجارب الدولية المتعارف
عليها في تأسيس لجن الحقيقة عبر العالم وعلى سبيل المثال لا الحصر:
ـــ الافتقاد إلى أي نوع من
العدالة الانتقالية كأهم عنصر أساسي لتوفير الأجواء الطبيعية لخلق هذا النوع من
لجان الحقيقة.
ـــ محدودية مهامها في انتهاكات
الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي دون أن تشمل كافة الانتهاكات الجسيمة لحقوق
الإنسان.
ـــ تضع حاجزا أمام إثارة
المسؤوليات الفردية فيما ارتكب من جرائم ضد الإنسانية، واعتبار ذلك إثارة للفتنة
والضغينة والانتقام مع أن كل المواثيق الخاصة، لا تجيز أي عفو في حق مرتكبي هذا
النوع من الجرائم، وتعتبر مقاضاتهم جزءً من إنصاف الضحايا والمجتمع، ومن
المفترض في هذا النوع من لجان الحقيقة، توفير الأدلة من خلال كشفها عن حقيقة ما
جرى، لتسهيل إمكانية اللجوء إلى القضاء، ولمحاربة ظاهرة الإفلات من العقاب التي
تعتبر الرادع الأساسي لوضع حد للانتهاكات المستمرة.
ـــ افتقاد عنصري الاستقلالية
والحياد.
ـــ عدم التنصيص على تسليم رفات
المتوفين داخل المعتقلات السرية والسماح لذويهم بنقلهم بعد إجراء تشريح لتحديد
هوياتهم.
ورغم ذلك، وفي أمل استدراك هيئة
الإنصاف والمصالحة لهذا الأمر باتخاذها التدابير اللازمة لمحو آثار الإجحافات
السابقة، فقد قدمنا لائحة مطالب، وهي كالتالي:
ـ مطالب أساسية:
· الكشف عن
الحقيقة: يستوجب الكشف عن الحقيقة التي تعتبر الجوهر الأساسي لأية حلول ممكنة
استنادا إلى المعايير المعتمدة دوليا:
· تحديد ظروف الانتهاكات وما يحيطها من أسباب بشكل موضوعي.
· تحديد المسؤوليات والكشف عن حقيقة المأساة التي تعرض لها الضحايا.
· الكشف عن مصير كافة المختفين قسرا مجهولي المصير وإطلاق سراح
الأحياء منهم وإعلان لائحة الوفيات.
· التأكد من هوية الوفيات وفق التقنيات الأنتروبولوجية الطبية
والاعتماد في التشريح الطبي على مختصين ممن يستوفون شروط النزاهة والاستقلالية
وبحضور ذوي الضحايا.
· السماح لذوي الضحايا المتوفين بإجراء خبرات مضادة إن دعت الضرورة.
· تسليم رفات المتوفين إلى ذويهم وتمكينهم من نقلهم إلى مدافن قريبة
منهم مع تسليمهم شهادة وفاة طبية تثبت أسباب الوفاة ومكانها..
· إجراء تحقيقات معمقة وموضوعية وشاملة حول كل الملفات والوقائع
والشكاوي ذات الصلة.
· الاستماع إلى كل من كانت شهادته مفيدة للحقيقة وتوفير شروط
الحصانة للشهود.
· اعتماد التقارير الحقوقية المحلية والدولية وما نشر في وسائل
الإعلام حول هذه الانتهاكات.
· فتح مراكز الاختفاء القسري والاعتقال والتعذيب والتحفظ عليها.
· جبر
الضرر:
· الحق في التعويض العادل والمنصف لضحايا
الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان عموما مع الأخذ بعين الاعتبار مفهوم جبر الضرر،
كما هو مكرس في المعايير الدولية لحقوق الإنسان بما فيها:
· اتخاذ التدابير اللازمة لمحو آثار الإجحاف
وإعادة النظر في العملية التحكيمية المجحفة.
· الاسترداد والاستدراك والتأهيل والإدماج والعلاج المستمر وإعادة
الممتلكات العينية والمنقولة وصرف رواتب للعجزة والنساء وما
يتفرع عن ذلك من مطالب خاصة أو عامة؛ مع العلم أن الأغلبية الساحقة من الضحايا
المفرج عنهم سنة 1991 أصبحوا عاجزين.
· تعويض الضحايا وعائلاتهم وذوي الحقوق المتوفين وذوي حقوق المختفين
مجهولي المصير بعد الكشف عن الأحياء وتسليم رفات المتوفين منهم.
· الاعتراف الرسمي بالوقائع والإقرار بمسؤولية الدولة ورد الاعتبار
للضحايا والمجتمع وتقديم الاعتذار لهم رسميا، وتسهيل سبل الانتصاف والتظلم
والمساءلة الجنائية كمطلب سليم ومشروع.
وقد جاءت نتائج عمل الهيئة دون
المتوقع ودون اتخاذ التدابير اللازمة لمحو آثار الإجحاف الذي طال الضحايا
الصحراويين ودون إعادة النظر في العملية التحكيمية المجحفة.
ـــ لم تلتزم الهيئة ببرنامج جلسات
الاستماع المعلن عنه بإلغائها الجلسة الوحيدة التي كانت مخصصة للضحايا الصحراويين،
ودون تقديم أي تفسير لذلك.
ـــ تجنبت الهيئة الحديث عن
أماكن المخابئ السرية الموجودة بالصحراء الغربية، والمتمثلة في السجن لكحل وثكنات
الجيش وثكنات الدرك الملكي وثكنات فرق التدخل السريع التابعة للأمن، هذه الثكنات
الموجودة على امتداد خارطة الصحراء الغربية وجنوب المغرب؛ وعلى سبيل المثال لا
الحصر: تجنبت ذكر ثكنة البير الموجودة على شاطئ فم الواد قرب العيون، وذكرت تسعة
عشر حالة فقط من الذين أفرج عنهم سنة 1991 من ثكنة PC-CIM بالعيون، دون ذكر بقية المجموعة وتم تحريف اسم
المخبئ السري بالقول أنها كانت موجودة ضمن المجموعة التي أفرج عنها بنفس التاريخ
من المخبئ السري بقلعة مكونة بالجهة الشرقية من المغرب.
ـــ رفضت الهيئة فتح أي حوار مع
ممثلي الضحايا، وعمدت إلى تجنب نشر مذكرتهم على موقعها الالكتروني على غرار
المذكرات الأخرى، إلا بعد تسلمها بتسعة أشهر بعد تحريف أهم فقرة بها.
ـــ لم تجد الهيأة تجاوبا مع ما
تقوم به لدى الضحايا الصحراويين، وقد صدرت عدة بيانات استنكارية لعدم جدية ما تقوم
به الهيئة وعدم جدوائيته في سياق تشهد فيه الصحراء الغربية انتهاكات مستمرة
ومتزايدة لحقوق الإنسان، تعبيرا عن رفضهم المشاركة فيما اعتبروه مجرد وصلة إشهارية
للتسويق الخارجي الهدف من ورائها طمس الحقائق المفجعة بدل فضحها.
ـــ أصدرت اللجان الموقعة على
المذكرة العديد من بيانات التنديد وعرائض الاستنكار حول التعامل الغير جدي لأعضاء
الهيأة، من خلال زياراتهم المكوكية للإقليم والتصريحات الإعلامية التي تنم عن نية
طمس الحقيقة بدل كشفها، وهو ما أثبتته حصيلة اشتغالها؛ كما نظم الضحايا العديد من
الاحتجاجات السلمية والمظاهرات والإعتصامات التي قوبل بعضها بالتدخل بالقوة والعنف
لتفريقها.
· المختطفين
مجهولي المصير:
ـــ في ملف المختطفين مجهولي
المصير، ربطت هيئة الإنصاف حالات مئات المختفين الصحراويين بفقدانهم خلال اشتباكات
مسلحة بالصحراء مع أن اللوائح المقدمة لها من عائلات الضحايا هي لمدنيين عزل،
لازال لم يكشف عن مصيرهم بعد اختطافهم من طرف أجهزة معلومة وتحت إشراف مسؤولين لا
زال بعضهم يمارس مهامه في الإقليم، بل وتمت ترقيتهم؛ كما أن هناك شهودا أحياء
صرحوا بعد الإفراج عنهم أنهم كانوا معهم في مرحلة من مراحل تنقلهم بين المخابئ
السرية المغربية.
ـــ المعلومات الواردة في لوائح
المختفين الصحراويين مجهولي المصير تشوبها الكثير من الاختلالات التي تنم عن عدم
وجود أي تحقيق جدي، وإنما اعتمدت الهيئة على المعلومات التي حصلت عليها من ذوي
حقوقهم، وحاولت تصريفها بشكل تطبعه المزاجية.
ـــ لم تستفد الأغلبية الساحقة
من عائلات مئات المختفين الصحراويين مجهولي المصير من أي تعويضات مادية أو معنوية
أو أي تسوية لأوضاعهم المزرية، بسبب رفضهم لمقررات الهيئة وعدم مسايرتهم للطرق
الإبتزازية التي انتهجتها في معالجة مطالبهم المشروعة.
ـــ لم تجب الهيئة على أي من
استفسارات عائلات مجهولي المصير حول إدعاءات الكشف عن مصير ذويهم مثلا: صرحت
الهيأة أن بعض مجهولي المصير تم إعدامهم على إثر أحكام صدرت في حقهم... فطالبت
العائلات بنسخة من الأحكام الصادرة وتحديد مكان دفنهم، ولم تستطع الهيئة تلبية
مطالبها، ولم تدل بأي معلومات تؤكد حقيقة هذه المزاعم... إلخ.
· فيما يتعلق بجبر
الأضرار والإدماج الاجتماعي:
رغم التحفظات والمؤاخذات حول
مهام هذه الهيئة ومجال اشتغالها، قدمت تسع لجان صحراوية مختصة تمثل ضحايا
الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي وعائلات المختفين مجهولي
المصير وعائلات الشهداء داخل المعتقلات السرية أو بمراكز التعذيب وغيرها مذكرة إلى
رئيس هيئة الإنصاف والمصالحة، وهي مذكرة تمثل الحد الأدنى من مطالبهم كضحايا
ممارسات تصنف وفق القانون الإنساني الدولي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إذ تعرض
المواطنون الصحراويون لشتى أنواع الاضطهاد والقهر والتنكيل على مدى أكثر من ثلاثة
عقود.
·
الإدماج الاجتماعي:
أصدرت هيئة الإنصاف والمصالحة
عدة توصيات في مجال الإدماج الاجتماعي منها:
ــ توفير دخل مادي يضمن العيش
الكريم للأشخاص العاجزين عن العمل من حيث السن أو الإعاقة وعلى شكل معاشات دائمة.
ــ توفير السكن اللائق للضحايا
وذويهم.
ــ إدماج الضحايا القادرين على
العمل في الوظيفة العمومية.
ــ إدماج أبناء الضحايا في
الوظيفة العمومية.
ــ تسوية الأوضاع الإدارية
والمالية للضحايا وذوي الحقوق.
ــ مواكبة الضحايا في العلاج
وخلق مراكز للعلاج من الأمراض النفسية والعقلية التي يعانون منها.
إلا أن عدم إشراك الضحايا في
القرارات والتوصيات التي أصدرتها هيئة الإنصاف والمصالحة وعدم فتح حوار حول
المذكرة المقدمة من طرفهم جعل الجهات المكلفة بمتابعة التوصيات تنتهج سياسة
التماطل وفرض الأمر الواقع على الضحايا واستغلال أوضاعهم المزرية لتمرير حلول
مجحفة جدا في حقهم.
فرغم آلاف الملفات التي قدمت
للهيئة لم يتم إدماج الضحايا إدماجا كليا أو مرضيا مع إقصاء أغلب الضحايا دون
تفسير لذلك أو بمبررات واهية.
ــ منح بعض الضحايا مأذونيات
ذات مردودية ضعيفة جداً ومنح آخرين أرقام منازل لا ترقى إلى مستوى السكن اللائق
باعتبارها منازل خربة.
ــ لم تكن هناك أي مواكبة في
العلاج ولم يتم خلق أي مراكز لعلاج الأمراض النفسية أو العقلية، كما أن التغطية
الصحية في بعض الحالات لا تصل إلى نسبة 35 في المائة.
ــ لا زال العديد من الضحايا وذوي
الحقوق لم تسو وضعياتهم المالية والإدارية كموظفين سابقين، ولا زالت سياسة الطرد
وقطع الأرزاق سيفا مسلطا على كل ناشط حقوقي أو سياسي.
ـ خلاصة:
قامت الدولة المغربية بعملية
إشهارية كبيرة لتسويق عمل وقرارات الهيئة والترويج لها في الخارج، دون الالتفات
إلى معاناة الضحايا وقدمت مغالطات صريحة تتنافى مع حقيقة ما قدمته هذه الهيئة التي
يبدو من مسارها أنها جاءت لخدمة أجندة النظام، والأكيد أن واقع حقوق الإنسان
المتردي بالإقليم لا يعكس سوى فشل الهيئة في تحسين هذا الواقع أو كشف حقائقه أو
تحليل أسباب تفاقمه بكل موضوعية واستقلالية أو التأثير عليه، إذ تم الإعلان عن هذه
المقاربة الرسمية في ظرف لا زالت تشهد فيه الصحراء الغربية مسلسلا لسياسة منتهجة ـ
ممنهجة، مبنية على تضييق الحريات من خلال الاعتقالات والاختطافات والمحاكمات
السياسية الجائرة والأعمال التعسفية والقمع والترهيب والتعذيب ومنع تأسيس الجمعيات
والحرمان من الحق في التظاهر السلمي وحرية الرأي والتعبير ومصادرة الحق في التنقل
وغيرها من الخروقات التي لا حصر لها، وبدل وضع سياسة للحد من هذه الانتهاكات فقد
ازدادت حدتها بالزج بالعديد من الموقعين على مذكرة الضحايا في السجن وتعريض آخرين
لانتهاكات مختلفة، ولازالت أقبية الزنازين تعج بعشرات المعتقلين الصحراويين
والمدافعين عن حقوق الإنسان؛ ولم تتوان الدولة المغربية في نهج سياسة التعتيم
والتضليل من خلال منع الأجانب من مراقبين دوليين وإعلاميين أو سياسيين من دخول
الإقليم، ونهب خيرات الإقليم واستغلال ثرواته واستنزافها دون وجه حق، رغم
الاستشارات القانونية الصادرة بالأمم المتحدة في هذا الشأن، وحرمان الساكنة
الصحراوية من الاستفادة منها؛ كما لم تتوان من حرمان العمال الصحراويين من حقوقهم
المكتسبة قبل الوجود المغربي بالإقليم، ناهيك عن محاولات التغيير الديموغرافي
بتوزيع مئات الآلاف من البقع الأرضية على المستوطنين الذين تم استقدامهم من شمال
المغرب، وكذا لم تأل جهدا في محاولة التحريف والتغيير الثقافي من خلال منع بناء
الخيمة كرمز للثقافة الصحراوية، ومنع الأسماء المركبة المعروفة لدى الصحراويين.
وإلى جانب القمع المستشري لكافة
الحريات، انتهجت الدولة المغربية سياسة التفقير والتجويع، وهو ما عبر الصحراويون
عن رفضه من خلال احتجاجهم عبر النزوح الجماعي خارج المدن، وبناء مخيم "أكديم
إييزيك" الذي كان تفكيكه بشكل وحشي وهمجي من طرف قوات البوليس والعسكر والقوات
المساعدة، والذي خلف العديد من القتلى وضحايا القمع والسجناء.
فكيف يُمكننا الحديث عن نجاحات
في اتجاه تسوية هذا الملف، أو عن أي إنصاف أو مصالحة ما لم يتم حل النزاع القائم
حول الصحراء الغربية وإنهاء معاناة الشعب الصحراوي المقسم بجدار من العساكر
والألغام؟.
حررت بالعيون
بتاريخ: 11 يناير 2013.
عن الجمعية
الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان
ــ
المرفقــــــــــــات:
ـــ لائحة
بأسماء المتوفين داخل السجون السرية وفي مراكز التعذيب.
ـــ لائحة
بأسماء المتوفين بعد الإفراج بسبب الإهمال وما ترتب عن مخلفات المعاناة داخل
السجون السرية.
ـــ لائحة
بأسماء مختفين سابقين لازالوا طريحي الفراش وبعضهم يُعاني من اضطرابات نفسية
وعقلية حادة.